خطبة الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ❤️

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَبَانَ لِخَلْقِهِ الْهُدَى وَالسَّدَادَ، وَهَدَى أَوْلِيَاءَهُ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَسَبِيلِ الرَّشَادِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَسْبَغَ مِنَ النِّعَمِ وَأَعَادَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَفْضَلُ الْمُرْسَلِينَ وَأَكْرَمُ الْعِبَادِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً إِلَى يَوْمِ التَّنَادِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ حَقَّ الاِسْتِمْسَاكِ، فَبِهِ تَهْتَدُونَ وَتُصْلِحُونَ، وَبِهِ تَفُوزُونَ وَتُفْلِحُونَ، )وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ( [النور:52].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لاَ تَزَالُ حَمَلاَتُ الْمُتَعَصِّبِينَ الْحَاقِدِينَ مُتَوَالِيَةً عَلَى الإِسْلاَمِ وَأَهْلِهِ، وَلَقَدْ وَجَّهُوا سِهَامَهُمْ فِي الآوِنَةِ الأَخِيرَةِ إِلَى سَيِّدِ الْبَشَرِ وَمُعَلِّمِهِمْ وَمُنْقِذِهِمْ مِنَ الْهَلاَكِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، زَاعِمِينَ بِأَنَّ مُحَمَّدًا بِتَوْجِيهَاتِهِ وَتَعَالِيمِهِ يَصُوغُ جِيلاً يُبْغِضُ الآخَرَ وَيَحْقِدُ عَلَيْهِ، وَيَضْطَهِدُهُ وَيَعْتَدِي عَلَيْهِ، وَسُبْحَانَ الْحَكِيمِ الْخَبِيرِ؛ كُلَّمَا ازْدَادَتْ هَذِهِ الْحَمَلاَتُ شَرَاسَةً ازْدَادَ بُرُوزُ مَحَاسِنِ الإِسْلاَمِ وَاتَّضَحَ عَدْلُهُ وَكَمَالُهُ، وَبَانَتْ رَحْمَتُهُ وَجَمَالُهُ.
وَمَعَ أَنَّهُ يَكْفِي الْعُقَلاَءَ فِي رَدِّ هَذِهِ الْفِرْيَةِ شَهَادَاتُ الْمُنْصِفِينَ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَشَهَادَةُ التَّارِيخِ عَلَى سُمُوِّ خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى حُسْنِ تَعَامُلِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ غَيْرِهِمْ فِي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ وَفِي النَّصْرِ وَالْهَزِيمَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَنَا جَمِيعاً أَنْ نَكُونَ دَائِمِي الصِّلَةِ بِسِيرَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ نُبَيِّنَ بِاسْتِمْرَارٍ انْتِصَارَ مَبَادِئِ الإِسْلاَمِ وَظُهُورَ قِيَمِهِ، وَإِفْلاَسَ الْمَذَاهِبِ الْغَرْبِيَّةِ، وَانْحِطَاطَ حَضَارَتِهِمُ الْمَزْعُومَةِ، وَلاَ أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ سُلُوكِهِمْ مَسَالِكَ السُّخْرِيَةِ وَالاِسْتِهْزَاءِ، وَالْكَذِبِ وَالاِفْتِرَاءِ، وَالَّتِي لاَ يَسْلُكُهَا عِنْدَ ذَوِي الْبَصَائِرِ وَالتَّمْيِيزِ إِلاَّ مَنْ أَفْلَسَ فِي سُوقِ الْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ، وَخَسِرَ فِي سَاحَةِ الدَّلِيلِ وَالْبَيَانِ.
وَعَلَيْهِ، فَإِنَّ مَا يَقَعُ مِنَ الاِسْتِهْزَاءِ بِالْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ رَعَايَا مَنْ يَتَغَنَّى بِاحْتِرَامِ الأَدْيَانِ، وَيَدْعُو إِلَى الْتِقَاءِ الثَّقَافَاتِ وَالْحَضَارَاتِ: لَمِمَّا يَبْعَثُ الاطْمِئْنَانَ فِي نَفْسِ كُلِّ مُسْلِمٍ؛ وَذَلِكَ لِفَضْحِهِ لِهَؤُلاَءِ الْقَوْمِ وَإِظْهَارِهِمْ عَلَى حَقِيقَتِهِمُ الَّتِي بَيَّنَهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ: )قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ( [آل عمران:118]، وَلأَنَّهُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى إِفْلاَسِهِمْ وَانْهِزَامِهِمْ وَسُقُوطِ مَبَادِئِهِمْ وَقِيَمِهِمْ إِنْ كَانَتْ لَهُمْ قِيَمٌ وَمَبَادِئُ، وَأَمَّا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ قَالَ اللهُ عَنْهُ: )وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ( [القلم:4]، وَقَالَ: )وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا( [الإسراء:79]، وَقَالَ: )وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ( [الشرح:4]، وَقَالَ: )إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ( [الكوثر:3].
أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْحَدِيثَ عَنِ الْحَبِيبِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي أَنْ نَكُونَ مَعَ الْعَظَمَةِ فِي أَسْمَى صُوَرِهَا، مَعَ الْقِمَّةِ فِي أَبْهَى حُلَلِهَا، مَعَ الرَّجُلِ الَّذِي أَحْيَا اللهُ بِهِ الْبَشَرِيَّةَ، وَأَخْرَجَهَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، فَالْحَيَاةُ فِي ظِلاَلِهِ حَيَاةٌ، وأَرْضٌ لاَ تَرْتَوِي بِهَدْيِهِ رَمْسٌ وَقَبْرٌ، فَتَعَالَوْا نَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْحَدِيثِ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي أَحَبَّهُ اللهُ وَاصْطَفَاهُ، وأَكْرَمَهُ وَاجْتَبَاهُ، وَجَعَلَهُ نُوراً يَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ( [الشورى:52]. إِنَّهُ حَدِيثٌ عَنْ أَعْظَمِ إِنْسَانٍ فِي تَارِيخِ الإِنْسَانِ، عَلاَ بِأَمْرِ رَبِّهِ شَأْنُهُ، وَمَلَكَ شِغَافَ الْقُلُوبِ اسْمُهُ وَرَسْمُهُ.
لَقَدْ عَرَفَ التَّارِيخُ كَرَمَ حَاتِمٍ، وَفَصَاحَةَ لَبِيدٍ، وَحِلْمَ قَيْسٍ، وَشَجَاعَةَ عَنْتَرَةَ، وَلَكِنَّهَا كُلَّهَا شَخْصِيَّاتٌ طَاشَتْ وتَلاَشَتْ أَمَامَ كَمَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
لَقَدْ كَانَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَالَماً فِي فَرْدٍ، فَكَانَ بِذَلِكَ فَرْداً فِي الْعَالَمِ، لَقَدْ أَذْهَلَتْ شَخْصِيَّتُهُ الْمُنْصِفِينَ، فَهَا هُوَ أَحَدُ النَّصَارَى يُعَبِّرُ عَنْ رَأْيِهِ بِكُلِّ تَجَرُّدٍ فَيَقُولُ: «إِنَّ إِلْقَاءَ نَظْرَةٍ عَلَى شَخْصِيَّةِ مُحَمَّدٍ تَسْمَحُ لَنَا بِالاِطِّلاَعِ عَلَى عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ الْمَشَاهِدِ، فَهُنَاكَ مُحَمَّدٌ الرَّسُولُ وَالْمُجَاهِدُ، وَمُحَمَّدٌ الْحَاكِمُ وَالْقَاضِي، وَمُحَمَّدٌ الْخَطِيبُ وَالْمُصْلِحُ، وَمُحَمَّدٌ مَلْجَأُ الْيَتَامَى وَمُحَرِّرُ الْعَبِيدِ وَحَامِي الْمَرْأَةِ، وَمُحَمَّدٌ الْعَابِدُ للهِ، كُلُّ هَذِهِ الأَدْوَارِ الرَّائِعَةِ تَجْعَلُ مِنْهُ أُسْوَةً لِلإِنْسَانِيَّةِ».
إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ وَالإِيمَانِ: إِنَّنَا نَتَحَدَّثُ عَنْ هَذِهِ الْعَظَمَةِ السَّامِقَةِ، وَالْقَامَةِ الشَّامِخَةِ، فِي وَقْتٍ يَتَجَدَّدُ فِيهِ التَّسَافُلُ عَلَى مَقَامِ النَّبُوَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، دَافِعُهَا الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ لَيْسَ إِلاَّ، وَصَدَقَ اللهُ ومَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ( [الفرقان:31]. إِنَّهُ لَيَعْجُمُ الْبَيَانُ، وَيَقِفُ اللِّسَانُ، وَيَكِلُّ الْبَنَانُ عَنِ الإِحَاطَةِ بِالْعَظَمَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَاسْتِقْصَائِهَا، وَلَكِنْ حَسْبُنَا إِشَارَاتٌ قَلِيلَةٌ إِلَى بَعْضِ جَوَانِبِ سِيرَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ امْتَنَّ عَلَى الثَّقَلَيْنِ بِبِعْثَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةً مِنْهُ تَعَالَى لِخَلْقِهِ، قَالَ تَعَالَى: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ( [الأنبياء:107]. وَكَفَاهُ فَضْلاً وَحَسْبُهُ شَرَفاً: أَنَّ اللهَ كَتَبَ لَهُ مِنَ الرِّفْعَةِ وَالْخُلُودِ مَا لَمْ يَكْتُبْهُ لِبَشَرٍ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ. تَقَاصَرَتِ الْمَدَائِحُ فِي نَعْتِهِ، وَعَجَزَتِ الْقَصَائِدُ عَنْ بُلُوغِ عَظَمَتِهِ، وَتَزَيَّنَتِ الأَرْضُ بَعْدَ مَبْعَثِهِ وَإِشْرَاقَتِهِ، عَلاَ اسْمُهُ عَلَى كُلِّ الْمَنَائِرِ وَالْمَنَابِرِ، فَلاَ تَمُرُّ لَحَظَاتٌ إِلاَّ وَنِدَاءُ شَهَادَةِ الأَذَانِ يُجَلْجِلُ فِي الآفَاقِ، حَتَّى لَكَأَنَّمَا الأَرْضُ كُلُّهَا تَهْتِفُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
اخْتَرَقَ كَلاَمُهُ حُجُبَ الزَّمَانِ، وَبَلَغَ خَبَرُهُ السُّهُولَ وَالْجِبَالَ، وَلاَمَسَتْ بَشَاشَةُ الإِيمَانِ قُلُوبَهُمْ حِينَ سَمَاعِ أَخْبَارِهِ، أَحَبَّهُ اللهُ وَاجْتَبَاهُ، وَمَنَحَهُ مِنَ الْخَصَائِصِ وَأَعْطَاهُ، فَجَعَلَ الإِيمَانَ بِهِ مَقْرُوناً بِالإِيمَانِ بِاللهِ تَعَالَى، وَجَعَلَ رِسَالَتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَتَكَفَّلَ اللهُ بِحِفْظِهِ وَعِصْمَتِهِ، وَأَقْسَمَ بِحَيَاتِهِ وَبَلَدِهِ، وَلَمْ يُنَادِهِ بِاسْمِهِ، بَلْ نَهَى عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فَوْقَ صَوْتِهِ، وَأَكْرَمَهُ اللهُ تَعَالَى بِالإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ، وَغَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ.
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ إِمَامُ الأَنْبِيَاءِ وَخَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَجْتَازُ الصِّرَاطَ، وَأَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُهَا، وَهُوَ أَكْثَرُ النَّاسِ تَبَعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَكْرَمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي دُنْيَا النَّاسِ، فَخَصَّهُ بِكَثِيرٍ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ الْخَارِقَاتِ، فَنَطَقَ لَهُ الْحَجَرُ وَالشَّجَرُ، وَانْشَقَّ لأِمْرِهِ الْقَمَرُ، وَسَبَّحَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَحَنَّ الْجِذْعُ شَوْقاً إِلَيْهِ، وَأَخْبَرَتْهُ الشَّاةُ الْمَسْمُومَةُ خَوْفاً عَلَيْهِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَآثِرِ وَالْفَضَائِلِ الَّتِي يَطُولُ سَرْدُهَا وَعَدُّهَا.
إِخْوَةَ الإِيمَانِ: وَتَتَجَلَّى عَظَمَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي رَحْمَتِهِ بِأُمَّتِهِ، وَشِدَّةِ مَحَبَّتِهِ لَهُمْ، فَقَدْ كَانَ يَحْمِلُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ قَلْباً رَقِيقاً، وَحَنَاناً دَافِقاً، كَمْ تَرَقْرَقَتْ دَمَعَاتُهُ شَفَقَةً عَلَى أُمَّتِهِ!، وَكَمْ تَلَجْلَجَتْ دَعَوَاتُهُ رَحْمَةً بِأُمَّتِهِ!، كَمْ رَأَتْهُ الْعُيُونُ رَافِعاً يَدَيْهِ، وَالدَّمْعُ سَاكِبٌ عَلَى خَدَّيْهِ، وَهُوَ يُلِحُّ عَلَى رَبِّهِ: «اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي»!، فَلَمْ يُخَفِّفْ لَوْعَةَ حِرْصِهِ وَخَوْفِهِ عَلَى أُمَّتِهِ إِلاَّ وَعْدُ رَبِّهِ: «إِنَّا سُنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلاَ نَسُوؤُكَ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. كَمْ سَمِعَتْهُ الآذَانُ مِنْ مَرَّاتٍ وَهُوَ يَقُولُ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِكَذَا»، بَلْ كَانَ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ.
أَحْبَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: وَمِنْ مَلاَمِحِ الْعَظَمَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ أَنَّ اللهَ جَلَّ جَلاَلُهُ جَمَّلَهُ بِأَكْمَلِ خِلْقَةٍ، وَأَحْسَنِ هَيْئَةٍ، فَصُورَتُهُ تَجْذِبُ الأَنْظَارَ، وَمَظْهَرُهُ يَدُلُّ عَلَى مَا ِفي مَخْبَرِهِ مِنَ الصِّدْقِ وَالإِخْلاَصِ، رَآهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَبْلَ إِسْلاَمِهِ، فَجَعَلَ يُدَقِّقُ النَّظَرَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ: «فَعَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ».
رَأَتْهُ عَجُوزٌ أَعْرَابِيَّةٌ فَقَالَتْ تَصِفُهُ وَهِيَ لاَ تَعْرِفُهُ: رَأَيْتُ رَجُلاً ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ، مَلِيحَ الْوَجْهِ، وَسِيمٌ قَسِيمٌ.
وَصَدَقَ مَنْ قَالَ:
وَأَحْسَنَ مِنْكَ لَمْ تَـرَ قَطُّ عَيْنِي وَأَجْمَلَ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النِّسَاءُ
خُلِقْتَ مُبَرَّءاً مِنْ كُــــلِّ عَيْبٍ كَــأنَّكَ قَدْ خُلِقْتَ كَمَا تَشَاءُ
خَلَقَهُ اللهُ عَلَى أَكْمَلِ صُورَةٍ حُجَّةً لِرِسَالَتِهِ، وَأَدْعَى لِقَبُولِ دَعْوَتِهِ، وَقَطْعاً لِفِرْيَةِ كُلِّ شَانِئٍ، وَإِسْكَاتاً لإِفْكِ كُلِّ مُبْغِضٍ طَاعِنٍ.
إِنَّ الْحَدِيثَ عَنْ أَخْلاَقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَبْدَأُ وَلاَ يَنْتَهِي، فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ نَأْخُذُ؟!، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ نَدَعُ؟!.
يَكْفِيكَ عَنْ كُلِّ مَدْحٍ مَدْحُ خَالِقِهِ وَاقْرَأْ بِرَبِّكَ مَبْدَأْ سُورَةِ الْقَلَمِ
أَمَّا الْكَرَمُ - عِبَادَ اللهِ-: فَسُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الْجُودَ ثُمَّ سَلَّمَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى وَصَفَ مَنْ رَأَى ذَلِكُمُ الْجُودَ بِأَنَّهُ كَانَ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ، مَا رَدَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجاً وَلاَ نَهَرَ سَائِلاً.
مَا قَالَ (لاَ) قَطُّ إِلاَّ فِي تَشَهُّدِهِ لَوْلاَ التَّشَهُّدُ كَانَتْ لاَءَهُ نَعَمُ
كَانَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لَيِّنَ الْعَرِيكَةِ، سَهْلَ الْمُعَامَلَةِ، تَأْخُذُ بِيَدِهِ الْجَارِيَةُ لِحَاجَتِهَا، فَيَمْشِي مَعَهَا، يُسَلِّمُ عَلَى الصِّبْيَانِ وَيُدَاعِبُهُمْ، وَيَحْمِلُ الأَطْفَالَ وَيُلاَعِبُهُمْ، يُجِيبُ دَعْوَةَ مَنْ دَعَاهُ، وَيَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلَوْ قَلَّتْ، وَهُوَ الْقَائِلُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]. وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يُجَالِسُ الْفُقَرَاءَ، وَيُؤَاكِلُ الْمَسَاكِينَ، وَيَحُضُّ عَلَى كَفَالَةِ الأَرْمَلَةِ وَالْيَتِيمِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَلَى أَصْحَابِهِ بِمَجْلِسٍ، فَكَانَ يَأْتِي الْغَرِيبُ فَلاَ يَعْرِفُهُ بَيْنَ النَّاسِ إِلاَّ حِينَ يُدَلُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَنْهَى أَنْ يَتَمَثَّلَ النَّاسُ لَهُ قِيَاماً. وَقَفَ أَمَامَهُ رَجُلٌ فَأَخَذَتْهُ رِعْدَةٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «هَوِّنْ عَلَيْكَ؛ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ، إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ كَانَتْ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ» (وَالْقَدِيدُ: اللَّحْمُ الْمَمْلُوحُ الْمُجَفَّفُ فِي الشَّمْسِ) [أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ]. كَانَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أَعَفَّ النَّاسِ لِسَاناً، وَأَلْطَفَهُمْ كَلاَماً، مَا كَانَ فَاحِشاً وَلاَ مُتَفَحِّشاً، وَلاَ سَبَّاباً وَلاَ صَخَّاباً، وَلاَ لَمَّازاً وَلاَ لَعَّاناً، كَانَ يَتَدَفَّقُ أَدَباً وَحَيَاءً، إِذَا كَرِهَ شَيْئاً عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، كَانَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ غَضَباً، وَأَسْرَعِهِمْ رِضاً، كَانَ أَرْأَفَ النَّاسِ بِالنَّاسِ، وَخَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ. يَصْبِرُ عَلَى أَذِيَّةِ مَنْ آذَاهُ صَبْراً لاَ يُطَاقُ، وَيَحْلُمُ عَنِ الْجَاهِلِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّفَاهَةِ وَالشِّقَاقِ. هَذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، هَذَا خَيْرُ مَنْ أَقَلَّتْهُ الْغَبْرَاءُ، وَأَظَلَّتْهُ الْخَضْرَاءُ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ لاَّ نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا إِخْوَةِ الإِيمَانِ: وَمِنْ أَسْرَارِ عَظَمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَعَ كُلِّ حَادِثَةِ شَتْمٍ وَإِسَاءَةٍ تَنَالُ مَقَامَهُ الشَّرِيفَ: نَرَى الْقُلُوبَ تَمْتَلِئُ حُبّاً لَهُ، وَالصُّدُورَ غَيْرَةً عَلَيْهِ.
وَلَئِنِ احْتَمَلَ الْمُسْلِمُونَ أَلْوَاناً مِنَ الْبَغْيِ، وَمَرَارَاتٍ مِنَ الاضْطِهَادِ فَلاَ وَلَنْ يُوجَدَ فِيهِمْ مَنْ يَحْتَمِلُ الْمَسَاسَ بِمَقَامِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ مَنْ نُزِعَ الإِيمَانُ مِنْ قَلْبِهِ.
وَتَبْرُزُ مَعَ حَوَادِثِ التَّسَافُلِ وَالْبَذَاءَةِ عَظَمَةٌ أُخْرَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ كَثْرَةُ السَّائِلِينَ عَنْ دِينِهِ، وَالدَّاخِلِينَ فِي شَرِيعَتِهِ، فَهَلْ أَسْلَمَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ أَسْلَمَ إِلاَّ حِينَ شُتِمَ وَنِيلَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؟!.
وَمَعَ تَتَابُعِ حَوَادِثِ السَّبِّ الْمُتَفَرِّقَةِ: هَا نَحْنُ نَرَى فِي عَصْرِنَا الْيَوْمَ اسْتِنْفَارَ الدُّعَاةِ وَالْغَيُورِينَ وَالْمُحِبِّينَ فِي التَّعْرِيفِ بِنَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَطُبِعَتْ مَلاَيِينُ الْكُتُبِ، وَأُنْشِئَتْ عَشَرَاتُ الْمَوَاقِعِ تُدَافِعُ عَنْ عِرْضِهِ، وَتُبْرِزُ لِلْعَالَمِينَ وَالْجَاهِلِينَ بَعْضاً مِنْ حَقِيقَتِهِ وَعَظَمَتِهِ، فَكَانَ لِهَذَا التَّحَرُّكِ، (وَالَّذِي مَا حَرَّكَهُ إِلاَّ سَفَاهَةُ الْمُسْتَفِزِّينَ) الأَثَرُ الأَكْبَرُ فِي انْتِشَارِ دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَتَمَدُّدِهِ فِي الأَصْقَاعِ، فَأَيُّ عَظَمَةٍ أَجْلَى وَأَعْلَى مِنْ هَذِهِ الْعَظَمَةِ؟!.
وَتَبْرُزُ أَيْضاً عَظَمَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي دِفَاعِ اللهِ تَعَالَى عَنْهُ، فَاللهُ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ الْقَهَّارُ تَكَفَّلَ بِالدِّفَاعِ عَنْهُ، فَبَتَرَ شَانِئَهُ، وَقَطَعَ دَابِرَ مَنْ عَادَاهُ وَآذَاهُ ) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ([الحجر:95] )أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ( [الزمر:36]. ) إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ( [الكوثر:1-3].
تَطَاوَلَ عَلَيْهِ الْكَفَرَةُ الْمُشْرِكُونَ وَنَبَزُوهُ، فَخَسِرُوا وَقُتِلُوا، وَتَعَدَّى عَلَيْهِ الْمُنَافِقُونَ وَلَمَزُوهُ، فَذَلُّوا وَفُضِحُوا.
يَا نَاطِحَ الْجَبَلِ الْعَالِي لِيَثْلِمَهُ أَشْفِقْ عَلَى الرَّأْسِ لاَ تُشْفِقْ عَلَى الْجَبَلِ
وَبَعْدُ يَا أَهْلَ الإِيمَانِ: نَعَمْ لِلْغَضَبِ عَلَى عِرْضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَنَعَمْ لِلْحَنَقِ مِنْ سَفَالَةِ الْكَفَرَةِ الْمُتَسَافِليِنَ، وَهَذِهِ الْغَيْرَةُ وَالْحِمَمُ الصَّدْرِيَّةُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ الْمَأْجُورِ، وَلَكِنْ أَجْمَلُ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْفَعُ: أَنْ تَتَحَوَّلَ هَذِهِ الْعَاطِفَةُ إِلَى وَاقِعٍ وَعَمَلٍ بِالتَّعْرِيفِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَارْتِبَاطِ الأُمَّةِ بِهَدْيِهِ وَسُنَّتِهِ، وَخُلُقِهِ وَدَعْوَتِهِ، فَأَعْظَمُ مَا يُغِيظُ هَؤُلاَءِ الْكَفَرَةَ الشَّانِئِينَ الشَّامِتِينَ أَنْ يَرَوْا نُورَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعْلُو فِي الآفَاقِ.
فَيَا كُلَّ صَاحِبِ لِسَانٍ وَقَلَمٍ، وَيَا كُلَّ أَبٍ وَمُرَبٍّ: هَذَا أَوَانُ الدِّفَاعِ عَنِ الْعِرْضِ الشَّرِيفِ، فَكُونُوا دُعَاةً لِسِيرَتِهِ، حُمَاةً عَنْ شَرِيعَتِهِ، وَتَوَاصَوْا عَلَى هَذَا النَّهْجِ وَالْخَيْرِ دَهْرَكُمْ، فَأَنْتُمْ وَاللهِ عَلَى خَيْرٍ وَإِلَى خَيْرٍ.
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ المُرْسَلِينَ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيمًا {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ وسَلَّمْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا، وَلا تَدَعْ فِينَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُومًا. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُنْدَكَ الْمُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاَةَ أُمُورِنَا، وَاجْعَلْ وِلاَيَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ وَاتَّقَاكَ وَاتَّبَعَ رِضَاكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

تعليقات